النشاطات/ محاضرات
-
ملخّص محاضرة: كيف نحبِّب إلى أجيالنا قواعد اللّغة العربيّة؟الإنسانُ كائِنٌ عاقلٌ لا يستطيعُ أن يؤدّيَ رسالته مِن دونِ الوجدانِ, مِن دونِ الانفِعالِ, مِن دونِ الحُبِّ. واللّغةُ لا تُكتسبُ إلاّ بالعقلُ والحُبِّ معًا, ولا تؤدّي وظيفتها إلاّ بالعقلِ والحُبِّ معًا. أولادُنا لا يُحِبّونَ اللُّغة العربيّة, أَجيالُنا لا تُقدِّرُ اللُّغة العربيّة. لماذا لا يُحِبُّ أولادُنا اللّغة العربيّة ولاسيَّما قواعِدَها؟ كيف نُحبِّبَ إلى أجيالِنا الناشِئة اللُّغة العربيّة ولاسيَّما قواعِدَها؟ للِإِجابة عن هذِهِ الأسئلة نمهِّدُ بدراسة حديثة تتعلّق بالمُخّ. قام د.أنطونيو ديماسيو عالم الأعصاب بكلّية الطّب بجامعة إيواوا. قد استنتج أنّ المخّ الانفعاليّ يشارك في التّفكير بقدر مشاركة المخّ المفكّر؛ وأنّ للإنسانِ ذكاءين: ذكاءً منطقيًّا, وذكاءً انفعاليًّا؛ وأنّ الفكر لا يعملُ بشكل أمثل من دون ذكاء المشاعر, وأنّ التّكامل بين الذّكاءين يرفعُ من ذكاء المشاعر, ويرفع القدرات الفكريّة أيضًا. أمام هذا الاكتشاف في المخّ البشريّ, يتّضح لنا أن غياب التّكامل في تعليم اللّغة العربيّة بين ذكاء المشاعر وذكاء المنطق يؤدّي حتمًا إلى كرهها وإلى النّفور منها. دعت المناهج الجديدة في مرحلة الرّوضات إلى "تشجيع الطّفل على اكتساب المهارات اللّغويّة التّلقائيّة الّتي تتجلّى في الفهم والتّعبير ومهارة الأداء الممهّدة لعمليّات القراءة والكتابة". لماذا نستعجلُ القراءة في مرحلة الرّوضات؟ لماذا نستعجلُ الكتابة في مرحلة الرّوضات؟ لماذا نستعجلُ العطر قبل تفتُّح أكمام الزّهرة؟ نحن والحال هذه نضغط على الأطفال, نجنحُ بهم نحو المنطق بعيدًا عن الانفعال, بعيدًا عن الحبّ, فيكرهونَ اللّغة وينفرون منها. دعت المناهج الجديدة في الحلقتين الأولى والثّانية أي في المرحلة الابتدائيّة إلى "إكساب الطّفل مهارات الاتّصال اللّغويّ الأساسيّة فهمًا وقراءة وتعبيرًا شفهيًّا وخطيًّا مع تحفيز الميل إلى المطالعة". لماذا لا نوازن في تدريسنا اللّغة العربيّة بين مهارات اللّغة: الاستماع والتّعبير الشّفهيّ والقراءة والتّعبير الكتابيّ؟ لماذا نُقحم أطفالنا في مصطلحاتٍ لا تكسبهم مهارات الاتّصال اللّغويّ؟ دعت المناهج الجديدة في المرحلة المتوسّطة إلى "تعزيز مهارات الاتّصال اللّغويّ الأساسيّة والارتقاء بها إلى مستوى التّذوّق اللّغويّ والأدبيّ والتّعبير الإبداعيّ". لماذا نهدرُ الوقت في تفاصيل لا تخدم مهارات الاتّصال اللّغوي الأساسيّة؟ لماذا نهدر الوقت على حساب التّذوّق الأدبيّ؟ ودعت المناهج الجديدة إلى جعل المتعلّم قادرًا على: - توظيف اللّغة العربيّة في تنمية طاقاته الفكريّة والوجدانيّة والسّلوكيّة. - الاستماع والتّحدّث والقراءة والكتابة. - اكتشاف نظام لغته العربيّة في بناها الوظيفيّة وأساليبها الجماليّة وصولاً إلى الإنشاء والإبداع. - استثمار القواعد الأساسيّة ولاسيَّما الوظيفيّة في تعاطيه اللّغويّ. - اكتساب اللّغة العربيّة بِيُسر واستخدامها بعفويّة واطمئنان. بالاستناد إلى ما دعت إليه المناهج وإلى العقل والوجدان, وإيمانًا بأنّ اللّغة حاجة للفكر, وأنّ اللّغة العربيّة حاجة لأجيالنا نقدّم مجموعة من الأفكار تساهم في تحبيب اللّغة العربيّة ولاسيَّما قواعدها إلى أجيالنا: 1- في مرحلة الروضات: الإكثار من نشاطات الإصغاء والتّعبير الشّفويّ المرتبطة بالحواسّ من أجل زيادة المعرفة عند الأطفال وتنمية مهاراتهم في التّواصل. والنّشاطات تعتمد على جمل تامّة ونصوص مشوّقة قصصيّة وشعريّة. 2- في الحلقة الأولى: الإكثار من نشاطات الإصغاء والتّعبير الشّفويّ والقراءة والكتابة واستثمار أساليب الكلام بالمنطق والانفعال, ليصبح الطّفل قادرًا على التّحدّث بطلاقة وعلى القراءة بمهارة, وعلى التّعبير الكتابيّ في تأليف الجمل وإنشاء الفقرات السّرديّة والوصفيّة والحواريّة, إضافة إلى اكتساب مفردات ومعارف من خلال نصوص مشوّقة نثريّة وشعريّة. 3- في كل الحلقات: أ- إسقاط حصريّة "القواعد منطق", وزيادة كلمة لتصبح على النّحو الآتي:"القواعد منطق وانفعال". ب- الابتعـــاد في قواعــد اللّغة العربيّة عن كلّ ما لا يخدم اللّســان والقلم. ج- الإعراب ميزة من ميزات اللّغة العربيّة. ولكن لماذا نحصر الإعراب في سؤال نمطيّ واحد؟ أليس الضّبط إعرابًا؟ أليس التّأليف بلا أخطاء إعرابًا؟ د- ثلاثيّة القواعد: القواعد معرفة ودلالة وتوظيف. التّكامل بين هذه الثّلاثيّة يؤدّي إلى التّوازن بين العقل والانفعال. ه- ربط اللّغة بالحياة: نختار نصوصًا مشوّقة, ونتخلّى عن النّصوص الجافّة والشّواهد الّتي لا ترتبط بحياة المتعلّمين. نعدّ نشاطات مرتبطة والأهداف ارتباطًا وثيقًا. و- التّدرّج: اعتماد مبدأ التّدرّج المدروس والمواءمة بين الأنواع النّصّيّة ومفاهيم اللّغة. 4- لمعلّميّ اللّغة العربيّة: - الجرأة في حذف كلّ ما لا يفيد المتعلّم في ضبط لسانه وكتابته, والابتعاد عن القشور. - إيلاء التّعبير الكتابيّ مساحة كبيرة. - العمل على تنمية القدرات الذّاتيّة في طرائق تدريس اللّغة العربيّة. 5- للأهل: الإكثار من المطالعة مع الأولاد. تشجيع الأولاد على الإصغاء والحوار. مشاركة الأولاد في تنمية مهاراتهم في النّقاش. 6- للمؤلّفين: - اقتصار التّأليف في القواعد على الأسس الأوّليّة والابتعاد عن التّفاصيل والجوازات. - اعتماد مبدأ ثلاثيّة القواعد: المعرفة, الدّلالة, التّوظيف. - تقديم كتب ترتبط بالحياة معنًى وإخراجًا. 7- للمركز التّربويّ: - تقديم توصيف واضح لكيفيّة إكساب المتعلّمين مهارات اللّغة في كلّ مرحلة. - وضع شروط واضحة للتّأليف, وإلزام المؤلّفين بعدم تجاوزها؛ فأولادنا يحتاجون إلى أمان في الكتب. لنا قواعدنا العربيّة: المعرفة غير المعقّدة, والدّلالات الثّريّة, والتّوظيف لتنمية الفكر وتغذية المشاعر. بالفكر والمشاعر معًا نضيء الشّموع أمام أجيالنا بالفكر والمشاعر معًا يعيش أولادُنا الحرّيّة بالفكر والمشاعر معًا نحبّب إلى أجيالنا لغتنا العربيّة لغتنا الأمّ.